الأحد، 12 سبتمبر 2010

اللعب في الدماغ !


أعتز جدا بالفترة التي قضيتها كسلفي سابق ، فقد أدركت فيها أشياء لم أكن لأعرفها الا إن مررت بهذه التجربة ، ربما كنت لم أزلْ منبهرا بهؤلاء العظماء من المشايخ الذين يُنكرون أي شخص لا يعتنق فكرهم ، فالتحزب هو أساس التعامل مع المذاهب الأخرى ، فهم يرون أنهم الفرقة الناجية وباقي الفرق أو الشُعَب في النار .

ليس هذا على سبيل التعميم ، فهناك فئة مستنيرة بطبيعة الحال ، وإن كانوا متمسكين بنفس القيم الشكلية ، ولكن هم أفضل من غيرهم ؛ وفي الفترة الأخيرة رأيت كيف يؤثر التيار السلفي في شريحة كبيرة من الناس ، فهو الآن أكبر التيارات تأثيرا بعد انحسار موجة الإخوان وخفوت نجمهم الأكبر ( عمرو خالد ) الذي تحول من شيخ إلى أستاذ ثم إلى دكتور .

وطبعا معروف أن المد السلفي في مصر صار أكثر قوة وانتشارا بعد بث العديد من القنوات المعروفة للجميع ، وهنا السؤال : هل الحكومة في مصر ترى خيرا في المنهج السلفي وأقطابه لكي تترك لهم تلك المساحة الكبيرة يصولون فيها ويجولون كما يشاءون ؟ وان كانت الاجابة هي لا ، فلماذا يتركونهم إذا 

الحركة السلفية بدأت منذ أكثر من مائتين عام واستحكمت بعد اتفاق الدرعية الشهير بين محمد بن عبد الوهاب والأمير محمد بن سعود عام 1157-هـ-1744م ، ومن أهم الركائز في الفكر السلفي بشكل عام إصلاح العقيدة ، ومحاربة البدع ، ولكن منذ ما يزيد عن مائتين عام ماذا قدمت الحركة السلفية للأمة الإسلامية ؟ .

ومازالت الدائرة تضيق حتى صارت لا تستوعب سوى الشكليات بداية من اللحية والجلباب القصير ، والنقاب الذين يفرضونه بفهمهم ، إلى العطر الذي لا يحتوي على كحول ، وإلى أن الأحمر والأصفر لا يجوز لبسمها حتى للرجال ؛ أين جوهر الإسلام الانساني إذن ؟ ، من حقهم أن يقوم منهجهم على اتباع السلف الصالح فهم أفضل القرون والتابعين كما قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن هل
يتم تطبيق هذا دون مراعاة للوقت الذي يتم فيه تطبيق المنهج ؟

والموجع في الأمر أن الناس ما يزالون يؤمنون بكل ما يقدمه لهم الشيوخ دون تمحيص أو محاولة للفهم ولا محاولة للتأكد إن كان هذا حقيقا أم لا ، فليس كل ما يقدمه الشيء صحيحا وليس بكلام منزل ، فهو بشر قد يخطيء، ويثقون فيه ثقة كلية – وهم يعون ذلك جيدا- ، وكم الاتصالات التي تأتي على الهواء مباشرة تطلب من الشيخ أن يدعي لإحداهن أن يفرج الله الكرب ، ونجده يدعي بكل ثقة أن يرزقها الله ما تريد ، كيف هذا وهم ينكرون على المتصوفة أنهم يتوسلون بالأموات ويعبدون القبور ؟ أليس هذا شكلاً من عبادة الأحياء والتبرُّك بهم ؟ .

وعندما يتحدث الشيخ عن الجن ويقول أننا كبشر نستطيع أن نستفيد من الجن حين نقف في مكان المعصية ونذكر الله بأن نرفع الآذان كي يشهد لنا الجن يوم القيامة أنه سمعنا ، أنّى له  ؟ ، أي إنسان عاقل يستطيع أن يصدق هذا ، فضلاً عن التأكد من حقيقته أصلاً ، وفي خضم كل هذا والأزهر بعلمائه تم إقصائه وتسيسه تبعا لما تريد إرادة الدولة الحنيفة .

وعني ، فقد رأيت هذا وذاك ، ودخلت في صفوف السلفيين والإخوان فلم أجد فيهما خيرا ، المستفيد الوحيد من اللعبة كلها هم الأقطاب الكبار ، الذين يتلاعبون بعقول الناس وضمائرهم لأغراض قد تكون واضحة وقد تكون خفية ، المهم أنها ليست لوجه الله تعالى كما يدَّعون .

لو أتيح للناس قدر من حرية الفكر لاختاروا مذهبا وسطا لا مفرط تتسع فيه الدائرة كمذهب الاخوان ، ولا تضيق حتى تخنق معتنقها كالسلفيين  ، ولعرفوا أن هؤلاء جميعا يمارسون أشد أنواع الاستهزاء بعقولهم .

هناك 3 تعليقات:

آخر أيام الخريف يقول...

الله يا مصطفى ... الله بجد

ما تبقاش تغيب كده تانى على مدونتك و تحرمنا من كتاباتك الهايلة دى .

دمت بود

مصطفى عبدربــه يقول...

شكرا يا صديقتي العزيزة
وان شاء الله الفترة الجاية هيبقى في بوست كل أسبوع
بس ربنا يسهل ومكنش مشغول في حاجة تانية كالعادة
وكمان هيكون في نصوص جديدة وفيديوهات

تحياتي

ساسو يقول...

مدونتك جميله جدا يا مصطفي

تقبل مروري