السبت، 22 مايو 2010

نـبـيـذ !

بعد ثلاثة أرباع الزجاجة ، بدأ إحساسه يختل ، صوت فيروز صار يأتي من لا مكان ، نور الغرفة الأبيض تحول إلى رمادي ما يلبث أن يتكاثف شيئا فشيئا ، شعر بانتشاءٍ عميق يتخلل شرايينه ، كان يشعر دائما بأن الخمر تعيد تشكيل روحه ، ممددا على السرير ، يدخن سيجارة بعمق ، وقد وصل انتشاءه إلى أقصاه ، وصديقه جالسٌ على الأريكة صامت منذ فترة يخفي وجهه بألبوم صور ..
أراد مزيدا من النشوة ، فقال :
-" قوم يا أحمد هاتلي كباية مية بسكر .. "
- " طيب .. " جاء صوته غريبًا ، كأن شيئــًا يسد حلقه
- " مالك ؟ "
وإذا بصديقه فجأة يبدأ في البكاء ، ما جعله يعتدل ويسأل صديقه مستاءًا من إفساده الليلة التي ظلا يرتبان لها أسبوعًا كاملاً
سأله بغضب :
- " بتعيط ليه دلوقتي ؟ "
- " افتكرتها وأنا باتفرج ع الصور.. "
ومع نهاية آخر كلمة ، بدأ صديقه في البكاء الموجع مرة أخرى ، فأصر على أن يعود لمنزله رغم وعد صديقه أن ينتهي من البكاء وإلحاحه على البقاء معه ، والإتيان بأعذار عن الوقت المتأخر وحالته السيئة فهو لن يستطيع أن يسير مترين ، ولكن مع إصراره تركه يخرج في جوف الليل بقدمين رخوتين وعينين شبه مغلقتين باحثا عن تاكسي .
كان الهواء البارد المحمل برطوبة النيل أول ما صادفه عند الخروج من بوابة المنزل ، وقف على ناصية الشارع مشعلاً سيجارة ينتظر قدوم التاكسي في هذا الوقت المتأخر مستمتعا بالهواء البارد الذي يزيد من احساسه بالإنتشاء العارم .
أول ما فعله عند دخول غرفته أن فتح الكمبيوتر ليسمع صوت فيروز  ، أغلق النور وارتمى على السرير، لاعنا صديقه فهو يكره أن يرى الضعف البشري في أي صورة من صوره !
وفي ظل الانتشاء الغامر تذكر حبيبته التي انتقلت من خانة الحبيبة البتول إلى خانة العشيقة في ظل ظروف غامضة ! ، ومازال يجمعهما حتى الآن شبق سري جامح !
أرسل لها رسالة على الموبايل وهو متأكد من أنها ستتصل به ، فهي تعرف ما تريده منه تماما !
يرن الهاتف المحمول :
( راح اللي راح وانتهى ، وسنين حياتي كلها لا سبتها ولا عشتها من شوقي ليك ! )
-ايه اللي مصحيك لغاية دلوقتي؟
-.......................
-انت شارب حاجة ؟
-آه .. عندِك مانع ؟
تضحك بدلال وتقول :
-" شكلك ناوي تبوظ الدنيا المرة دي  !!! "
وبدءا فيما تعودا على فعله خلال الشهرين الماضيين ، وهو لم يكن في حاجة إلى تمهيد كبير لكي يصل إلى أكبر قدر من الإثارة ، فللخمر دورها الفعال ، وهي تنهار بسرعة تحت تأثير صوته وكلماته وإندفاع الهواء من أنفه وفمه في التليفون !
وعند الذروة ، صمتَ فجأةً ، نادت عليه فلم يرد ، وهي تسمع صوت أنفاسه ، فإذا به يبدأ في النشيج بصوت عالٍ ، فـَـزِعَتْ من التغيير المفاجيء ، فسألته بذعر أكبر هذه المرة :
- " ايه اللي حصل ؟ "
قال وهو يبكي : 
- " إحنا معدش ينفع نتكلم تاني ! "
- " في إيه بس ؟ "
- " كده ! "
وأغلق الخط ! 

هناك 4 تعليقات:

dr.lecter يقول...

النسيان صعب ممكن يبقي مؤقت لكن للابد لا يمكن

عقلك بيتظاهر بالنسيان وبيوهمك انه نسي لكن عند اول لحظه حنين هتعرف انك مانسيتش

مصطفى عبدربــه يقول...

والحنين يأتي دائما عند الحاجة !

نورتني

ست الحسن يقول...

معلش التعليق متأخر
بس انا قريت القصة هنا أول ما نزلت وعجبتني خالص

عنصر المفاجأة في الآخر معمول كويس أوي
والتشابه بين الشخصيتين اللي كل واحد فيهم جزء من التاني جميل
فيها دفقة مشاعر قوية

تسلم إيدك يا مصطفى

مصطفى عبدربــه يقول...

دايما وجودك بيضيف للنص بريق خاص

بجد نورتيني يا غادة

واستني الجديد قريب

:)